التراب معجزة
بسم الله الرحمن الرحيم
إننا حقا غافلين عن موضوع التراب، وننظر إليه وكأنه شيئا عادياً بل لا يستحق بذل الجهد بالتأمل والتفكير والتفكر, وهو من أعظم آيات الله تعالى في الكون لما فيها من عظمة القدرة والصنعة وعجيب الخلقة,
فانظر لما حولك من جماد ونبات وحيوان وإنسان في عالم الوجود فستجد إنها جميعاً قد خلقت من تراب وانظر إلى طعامك وملبسك فستجد أن أصله من تراب, والعجيب هو أن تجد أن هذه الخلقة العظيمة التي قد لا تساوي شيئاً في أعيننا تعطي أجمل وأطيب أنواع الفاكهة والخضروات والتفاح والتين والزيتون والبرتقال وأزكى الروائح كالطيب والعنبر والياسمين, وفي نفس الوقت تعطي أمر الخضروات والفواكه طعماً ورائحة كالثوم والبصل وغيره, ومع ذلك كله يبقى التراب تراباً ولا يتغير.
وكذلك تجده يُعطي أفضل المعادن وأجملها وأقواها وأغلاها وأكثرها ثمناً وقيمة كالذهب والفضّة وغيرها, وحقيقة كل ذلك هو التراب. وانظر إلى نفسك تجد أنك تراب وماء, فنطفة الإنسان تشكلت من الغذاء, وذلك الغذاء من الحيوان والنبات, والحيوان تشكلت نطفته من النبات وكل ذلك يرجع إلى التراب.
فالإنسان حقيقته من تراب ويعيش على التراب ويأكل من التراب ويموت ويدفن بالتراب, وبعد الموت يتحلل هذا البدن الجميل السمين الناعم الذي طالما حرصنا عليه بالتغذية والتربية الجسدية, يذهب بالتراب ويستقر فيه وبعد كل تلك الدورة الهائلة العظيمة الشاسعة, تبدأ دوره عكسية جديدة وهي أن يتغذى النبات على التراب وينشأ ويثمر ثم يأكله الحيوان وينشأ ويأكله الإنسان وينشأ ويكبر, ويأكل الإنسان الحيوان أيضا الذي تغذى على التراب في دائرة واسعة وتبدأ الحركة بنفس إتجاهاتها السابقة وهكذا.
أليس هذا إعجازاً؟؟؟ سبحان الله وتعالى.
ورد عن المصطفى (صلى الله عليه واله وسلم): (تمسحوا بالأرض فإنها بكم برّة)
(تحفظوا من الأرض فإنها أمكم)
وأختم حديثي بهذا الحديث النبوي الذي قال فيه (صلى الله عليه واله):
(إن الأرض بكم برّة تتيمّمون منها, وتصلون عليها في الحياة الدنيا, وهي لكم كفا في الممات, وذلك من نعمة الله له الحمد, وأفضل ما يسجد عليه المصلي الأرض النقية)
أليس التراب معجزة؟... إنه حقاً معجزة عظيمة.